حول البحث العلمی

من الواضح أن السعی للوصول إلی الحقیقة واستعلام المجهولات أمر کامن فی فطرة کل إنسان، ویمکن القول إن حیاة الإنسان بشکل عام إنما تدور حول حل المسائل والبحث عن إجابات مناسبة - أو أنسب - لها. ومن المعلوم أن البشر یختارون مسائل مختلفة للبحث والتحقیق عادة، وذلک وفقا لقیمهم وأهدافهم وخلفیاتهم الفکریة والشخصیة؛ ولا یوجد فی هذا الخضم سوی عدد قلیل منهم ممن یهتم بحل أهم المسائل والقضایا، ویتعاملون - مضافا إلی ذلک - مع مسائلهم ومجهولاتهم بشکل واع وعمیق ومنهجی. من هنا فإن ما یعطی البحث - من هذه الجهة الثانیة - قیمة واعتبارا حقیقیا هو الفهم الدقیق للمسألة المبحوثة، وبعد ذلک تطبیق المنهج أو الأسالیب المناسبة ورعایة الأصول والقواعد التی تحکم البحث الحقیقی لحلها. من هنا، یتکفل الباب الأول من هذا الکتاب بحث ودراسة هذه القضیة والتحقیق فیها مع مقدماتها ونتائجها. وفی هذا الصدد، ینبغی معرفة أن تفوق البحث وأولویته علی الأبحاث الأخری - والتی یمکن أن تبرر فی الوقت عینه إنفاق مختلف التکالیف المادیة والمعنویة - یکمن فی أهمیة ذلک البحث وضرورته؛ وبما أن الدین بالنسبة للشخص المطلع والمهتم یمثل أعلی وأهم قضیة یمکن أن تشکل موضوعًا للفکر والتأملات الفکریة، فقد خصص الباب الثانی من الکتاب الدراسة البحث الدینی» وجوانبه المختلفة.