السوال عـن الوجود او وجود السوال

السؤال موهبة کرَّم الله سبحانه بها خلقه من بنی ادم؛ ولیس السؤال لفظا إنشائیًا یُطلب به الجواب فحسب، بل هو ظاهر له ألف باطن. أول ما یکشفه السؤال أنه قد صدر عن کائن مدرک ذی معرفة، ثم أنَّ هذا الکائن حی یمارس التفکیر والانتقالات الذهنیة حتی ینتهی إلی طرح السؤال. بل إنَّ السؤال شاهدٌ علی أنَّ صاحبه لم یکتفِ من العلم والمعرفة وأنَّ به شوقًا لتحصیل معرفةٍ جدیدةٍ یضمُّها إلی معارفه. وبالطبع یمثل السؤال الباب الطبیعی والطریق القویم لاکتساب الأجوبة، فهو مفتاح خزائن العلم. إذًا، فالمراد من السؤال هو جهة المعرفة والإدراک والفکر من شخصیة الإنسان. ولا مفهوم یمکن أن نستعین به ککاشف عن مفهوم الوجود، فهو من أبده المفاهیم وأجلاها وأعمها عند الإنسان فردًا ونوعًا، وإن استفید أحیانًا کشرح للاسم من ألفاظ کالثبوت والتحقق والحق والحقیقة. لذلک فإنَّ عنوان الکتاب الماثل بین یدیک السؤال عن الوجود أو وجود السؤال یتناول ثنائی الوجود والمعرفة؛ فیطرح تارةً السؤال المتعلق بالوجود أی معرفة الوجود وتصوّره فی الذهن البشری والسعی لاکتشاف حقیقته وقوانینه، ویطرح تارةً أخری السؤال کمصداق من مصادیق الوجود وکقسم من أقسامه وهو المعروف بالوجود الذهنی. وبین هذین المفهومین - المعرفة والوجود - ارتباط خاص وتفاعل جدلی فی غایة التعقید، بل قد یصل وصف هذا الارتباط إلی حد المعضلة الفکریة؛ أیهما أقدم ؟ وما تأثیر کل منهما فی الآخر؟ وأیُّ التأثیرین أهم؟ هل یکون أحدهما دون الآخر؟ وکیف یکونان سویًا ؟